استطاع أن يحقق لنفسه أكثر من نجاح في مختلف المجالات «ابن تونس» في حوار خاص من جريدة ورد.. الفنان التشكيلي (عبد الباسط قندوزي)

" فن لا يجيده إلا من ارتقى خياله، ومن وسع أفقه، ومن له عين باصرة، وقلب نافذ. هو موهبة يثقلها العمل، ويبدع فيها من أحبها ".


نرحب بك عزيزي القارئ و بشخصيتنا اليوم ونبدأ أسئلتنا :

تتشرف جريدة ورد بعمل حوار صحفي مع صاحب هذا الفن المبدع الفنَّان التَّشكيلي /   
عبدالباسط محمد قندوزي 

ـ هل من الممكن أن تحدثنا عن نفسك أكثر؟. 
 بعد التحية لحضرتك ولمشرفي الجريدة أقدم لكم نفسي
أنا عبدالباسط محمد قندوزي من تونس، فنان تشكيلي وكاتب وروائي، متحصل على الأستاذية في الفنون التشكيلية، عملت لسنوات أستاذا في مادة التربية التشكيلية ثم متفقدا بيداغوجيا (مفتش تربوي)، صدر لي العديد من الكتب تجمع بين الرواية والكتب المختصة في الفنون التشكيلية. أثثت بعض المعارض المحلية الحضورية، وبعض المعارض الإفتراضية 







"فن قد تكون قيمته الأساسية جمالية أو فكرية، وبعبارة أخرى فهى ليست نفعية في المقام الأول مثلما يعتقد البعض": 

ـ هل لك أن تحدثنا عن هذا الفن من وجهة نظرك، وما هو بالنسبة لك؟. 
نعم الفن في نظري ليس لغاية نفعية، بل هو رؤية للعالم من منظور أعمق، وفلسفة أرحب تجمع بين الجمالي والفكري، إذ المضمون الدّلالي في الفن التشكيلي مطية ينتهجها الفنان كي يعبّر عن مقاصد مختلفة يؤكد إثرها ما جال في ذهنه من رؤى وتصوّرات، وما نطق به وجدانه من أبعاد جمالية تعانق الخيال فتخرج اللوحة الفنية من بعدها المادي وغايتها النفعية لتلتقي مع غايات أسمى وأرفع تقديرا للذات 



ـ ما هى المادة التي تفضل الرسم عليها ولماذا؟. 
عادة أرى في الورق أفضل المحامل التي من خلالها أخطّ أولى خربشاتي، وأعتمد في ذلك ما توفّر من أقلام قد تكون الأنسب لهذه المساحات الصّغيرة التي أراها مغرية لخوض مغامرة فنية دون تخطيط مسبق 




ـ برأيك أيهما يعتبر الأهم الفن الواقعي، أم الفن التجريدي، وهل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟
لكل نمط فني أهميته، فلا وجود لمفاضلة بين الفن الواقعي والتجريدي، غير أنّ التّمشّي المنهجي يفترض أن يمرّ الرسّام بقواعد المدرسة الواقعية حتّى يتمكّن من فهم قواعد الرّسم وآلياته، ثمّ ينتقل إلى اللحظة التجريدية ليلامس خلالها التنوع التقني والتضايف بين أساليب التكوين. وقد تجد مزيجا يجمع هذا بذلك فيكتسب الفنان التشكيلي آليات تعبيرية يلعب فيها الخيال دورا مهما فتجمع اللوحة بذلك بين تركيبات لها حضورها ومرجعيتها الواقعية وتركيبات أخرى تتجاوز الواقع وملامحه.






ـ هل لك حدثنا عن عملك الأول ؟ ومتى رسمت أول عمل لك؟. 
العمل الأول والذي تحرّر من الأكاديمي بعد انتهاء الدراسة الجامعية كان جمعا بين عناصر تمت محاكاتها ونقلها بطريقة تنحرف قليلا عن النّسخة الأصلية لتضاف لها عناصر تختلف عنها شكلا وأسلوبا، فأحدثت نقلة للمعنى والدّلالة، بالإضافة إلى نقلة أسلوبية غيّرت جوانبها البنائية والأسلوبية. وهي تجربة جمعت فيها بين تقنيات تتناسب باعتبارها لا تحدث تلك القطيعة حين يتم توظيفها داخل نفس المحمل الورقي 



ـ "هناك دائمًا معوقات وتحديات تعيق طريق نجاحك" 
هل كانت هناك معوقات وتحديات كانت تعيق تحقيق حلمك؟ وكيف قمت بمواجهتها؟. 
المعوقات أساسا في غياب القادح الفعلي الذي يجعل من الفنان التشكيلي ينتج، إذ ليس هناك مبادرات ثقافية من شأنها أن توقظ تلك العزيمة الكامنة داخلنا، بالإضافة إلى قلة الجمهور الذي يُعنى بالفن التشكيلي في مختلف البلدان العربية وإن بدت النسب متفاوتة بينها، لكنني وجدت الحلّ في ما توفّره منصات التواصل الإجتماعي من مساحات فنية وثقافية أعرض فيها ما جال بخاطري وما أنتجت وسائطي لأخرجها بذلك من حالة الكمون، بالإضافة إلى استغلال بعض رسوماتي لتكون صورة لغلاف بعض رواياتي وهي فكرة من شأنها أن تزيل تلك العقبات ولو بشكل جزئي في انتظار انفتاح أفق ثقافي أرحب أجد فيه ضالتي.




 ـ ماهى أهدافك من خلال رسوماتك ؟. 
أهدافي أن أعبّر عن صورة الإنسانية، وأقدّمها للمشاهد كي يعي أن قضايا الإنسان كونية لا تقبل الحصر ولا التقيّد بحدود الزمكان، فالفن مرآة للذات وما الذات إلا صورة مفردة تحمل أفكار الجماعة، وتحمل همّ المجموعة، وتصوّر خوالج النّفس وضمير الفرد ومن خلاله الضمير الجمعي، وهذا هو هدف الفن ومن خلاله أنسج أهدافي التي أراها بعين الكيان الحالم الذي يصل رسمه إلى عيون مختلفة ألوانها وزوايا نظرها 




ـ ما هى الأدوات التى تقوم باستخدمها فى الرسم؟. 
هي أدوات بسيطة أستعملتها عمدا وطوعتها لأنسج خيوط رسوماتي، فقد وظّفت القلم الجاف باختلاف ألوانه، وتركت للماء هامشا ليفعل فعله المراوح بين الصدفة والقصد، وهي تقنيات وأساليب ووسائط بسيطة لا تتطلب براعة بقدرما تفترض حسّا يغازل المعنى، وتعبيرا يلامس مقاصد الذات في عمقها 



ـ هل يعد الرسم تحررًا للرسام أم هو سجين داخل لوحة ؟. 
اللوحة لا يمكن أن تكون سجنا ولا الرسام يمكن أن يتنازل عن حريته، فكلاهما متحرّرا من قيوده، لكنّ العلاقة بينهما هي علاقة قيد، إذ هناك خيط يربط بينهما لا تفصله سوى لحظة الإنتهاء بعد اتخاذ قرار التوقّف عن الرّسم، لتعقبها نظرة تأمل وملاحظة، وتحليل وتفكيك لما تحمله اللوحة من علامات ورموز حاكتها يد الفنان لحظة إنشاء تشكيلي فيه وعي يحضر، ووجدان يسيطر وعقل يسطّر وشعور يعبّر عن حالة من العشق بين اللوحة والفنان


ـ " الرسم من أبهى أنواع الفنون وأرقاها، ولا يجتمع الفن والموهبة مع الشخص الجيّد إلا أبهر وأبدع"

من هو الفنان التشكيلي الذي ترك لك أثرًا في حياتك؟. 
هناك العديد من الفنانين لعل أكثرهما تأثيرا هما "خوان ميرو" و"بيكاسو" رغم اختلاف أسلوبيهما، فبابلو بيكاسو هو علامة فارقة في تاريخ الفن إذ هو أسلوب ومدرسة، وبناء وتقنية، يفكك اللوحة ويستنطق عناصرها، ويحمّلها بمقاصد تتجاوز الظاهر، وكذلك خوان ميرو في فنه إذ يعتبر بارعا في مجاله عند معانقته سحر الخيال وجنوحه، فشخصيات لوحاته شبيهة كيانات مفارقة أرادها أن تحلّ بيننا لنرى بدائل افتراضية لعالمنا المادي المباشر 



ـ لو أحد متابعينك قام بتعليق سلبي على عمل من أعمالك ماذا يكون رد فعلكِ ؟.
لا شيء، فقط أكتفي بمراجعة الذات، لا أخفي خيبة أملي، لكني أعي جيّدا أن القارىء متعدّد وليس واحد، وبالتالي من حكم هذا الحكم قد يعارضه غيره، فلا مكان في الفن للحكم الأحادي، هذا بالإضافة إلى قناعتي أنّي لا زلت أبحث عن أسلوبي وسط هذا الزخم الفني 




ـ "بالصبر والمثابرة ستصل لحلمك وهدفك 
ربما قد يستغرق الوقت لتحقيق ذلك ولكن ستصل يومًا ما "  
فما هى مخططاتك في الفترة القادمة؟. 
أنا حاليا أجمع بين الفن التشكيلي كممارسة تطبيقية وكتابة، بالإضافة أني أكتب الرواية، وهو ما جعلني أرى في الكتابة نصّ والصورة كذلك نصّ، وهي مضايفة طريفة جعلتني أفكّر في خوض هذه المغامرة التي ستمازج بين النص المكتوب واللوحة المرسومة 



 "وإلى هنا قد نكون انتهى حوارنا اليوم مع الموهبة المبدعة ونتمنى أن يكون الحوار ممتع ونريد معرفة ما رأيك بالحوار؟." 
كل الشكر لكم على هذا الحوار الراقي الذي فسح لي المجال كي أتحدّث عن تجربتي المتواضعة، وأتمنى أن تجد صدى كلماتي امتدادا في الوسط الثقافي العربي بصفتي فنانا تشكيليا، وكذلك كاتبا روائيا 
أجدد شكري وإمتناني 

تحرير: هِند حسين 
رئيسة التحرير: شهد أحمد 
مؤسسة الجريدة: هِند حسين "وَردْ"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتبة المُبدعة/أنفال الصديق

حوار صحفي مع الكاتبة المُتألقة «رُقية عزت»